خيم السكون على المنزل و اختفى صوت الضجيج الذى يصدره "على" ذلك الطفل صاحب سن الخامسة الذى ترك ألعابه و اراح والديه من ذلك الصوت العالى الذى يلازمه عندما يتقمص أصوات ألعابه , وجلس يشاهد مسلسل كارتونى عن رجل خارق يسمى الرجل العنكبوت ....
يستحيل على أحد أن يزعج "على" وهو مستغرق فى مشاهدة بطله الذى ينقذ الأبرياء و يحارب الأشرار بقوته الخارقة و يطاردهم بقدراته التى لا يمتلكها أحد غيره , و حينما انتهى المسلسل ذهب "على" إلى والده يسأله : لماذا لا أرى هذا الرجل الخارق فى الشارع ينقذ الضعفاء و يحارب الأشرار ؟و هل يمكننى أن أصبح صديقه؟ قال له والده أنه مجرد شخصية كارتونية و لكن الوالد وجد على وجه ابنه علامة استفهام فسارع الوالد و أخبره أنه غير حقيقى و أن شخصا ما ألف قصة هذه الشخصية الخيالية أى أن الرجل العنكبوت غير موجود فى الحقيقة و أنه ليس شخصا من لحم و دم مثلنا .........
صدم "على " و حزن على أن بطله غير موجود , و بعد فترة شاهد صورة الرجل العنكبوت فى التليفزيون و إذا به يراه هذه المرة شخصا من لحم و دم يمشى فى شارع حقيقى و ينقذ أطفالا حقيقيين و يحارب أشرارا حقيقيين و ليس كما قال له والده , فرح على كثيرا و ذهب مسرعا لوالده ليخبره بهذه المعلومة الثمينة!
و عندما أخبره صدمه والده بإجابة أخرى و هى أن ذلك الرجل رجل عادى مثلنا تماما و أنه مجرد ممثل يمثل دور رجل خارق و أنه لا يفعل ذلك بنفسه بل يساعده على عمل هذه الحركات أشخاصا كثيرون و أنه لا يستطيع أن يفعل ذلك فى حياته الحقيقية و كذلك كل الانفجارات و الطيران ما هى إلا خدع يقوم بها أشخاص متخصصين فى هذا المجال......
فى الحقيقة لم يفهم "على " كل كلام والده و لكنه فهم شىء واحد هو أن بطله غير موجود......لاحظ الوالد على ابنه خيبة الأمل و أنه حطم بطل ابنه الوحيد فقال له : أتعلم يا على أن هناك أبطال حقيقيين ؟ انتبه على لوالده و قال : أحقا؟؟
قال الأب : نعم و سأحكى لك قصة أحد هؤلاء الأبطال......
و أخذ يسرد له قصة نبينا الهادى محمد عليه افضل الصلاة و التسليم ذلك البطل الذى بعثه الله ليحرر الناس من العبودية و عبادة ما لا يرى و لا يسمع و جعله سببا فى نجاة الكثيرين من النار........
حكى له كيف حارب الظلم و الكفر .. كيف نشر الإيمان بالله و حسن الخلق بين الناس نعم حسن الخلق الذى ظهر فى كل لقطة من قصه هذا البطل الحقيقى الذى ظهر فى أصعب لحظات حياته فى مواجهه سوء خلق الكفار و المشركين حسن الخلق الذى تحلى به نبينا و غيره من الأنبياء و الرسل الأبطال و هو نفس حسن الخلق الذى اختفى من أبطال التليفزيون المزيفين .
عاد السكون و الهدوء مرة أخرى للمنزل و لكن على فى هذه المرة مستغرق فى الاستماع لقصص الأبطال الحقيقيين التى يرويها له والده.
صحح هذا الأب خطأ مازلنا نرتكبه نحن كل يوم فى حق إخوتنا و أبنائنا فكم تركناهم أمام التليفزيون ليكون مربيا لهم حتى نتخلص من صوت ضجيجهم و أسئلتهم التى لا تنتهى عن كل شىء نتركهك لذلك الجهاز يملأ عقولهم بصور أبطال مزيفين يحاربون الشر و لكنهم يبثون العنف و الخلق السىء
أليس بطل التليفزيون هذا من يشرب الخمر و يتفوه بألفاظ لا ينبغى لها أن تعرف طريقها إلى آذان أطفالنا لتصدمها , أليس ذلك البطل من يشوه بصر أطفالنا النقى بصور غير محتشمة ........
ثم نأتى نحن بعد كل هذا نريد أن نملأ عقولهم بصور أبطال حقيقيين فإذا بنا نصاب بصدمة عندما نجدهم لا يتقبلون هذه الصور و ذلك ببساطة لأن عقولهم مملوءة عن آخرها و كيف لنا أن نملأ شىء مملوء أصلا .. علينا أن نفرغه أولا و ما أصعب أنتفرغ عقل مراهق نعم لا نلتفت لهم إلا عندما يصلون لمرحلة نضج فيها عقلهم و قل فيها ضجيجهم و فى ذلك الحين نجد أن هذه الصور المزيفة قد ترسخت و أصبحت حقيقة مسلم بها ................
عاد "على " لوالده يسأله لماذا لا أشاهد قصص هؤلاء الأبطال الحقيقيين فى التليفزيون ؟ و هل يعرضون فيه قصص الابطال المزيفين فقط؟؟
لم يستطع الاب الإجابة عن هذا السؤال الذى ربما أحرج أمة كاملة!!!!!!!
الحقيقة أننى لم أشاهد من قبل فيلما بانتاج ضخم عن قصة بطلنا الحقيقى كل ما أتذكره هو تلك الأفلام القديمة التى لا تعرض إلا فى المناسبات الدينية مثلها مثل فانوس رمضان.......
لم أسمع بأن هناك فيلم عن أحد أبطالنا سيجوب كل أنحاء الكرة الأرضية حتى يرى العالم كيف اناروا الطريق للبشرية حتى يعرف من لا يعرف عن ديننا حتى نقول لله يوم العرض العظيم أننا ساهمنا فى دخول الملايين فى الإسلام .......صحيح أن دخول الملايين فى ديننا مرهون بتحلينا بأخلاق نبينا الكريم و ليس بتعريفهم به لأنه لا يحتاج من أحد ذلك و لكن ماذا ننتظرمن الأجيال الجديدة من المسلمين و غير المسلمين الذين لا يعرفون عن هؤلاء الأبطال شىء سوى أسمائهم.......
و أخيرا كما قال الإمام الحبيب على الجفرى الداعية الإسلامى : نخاف أن يأتى يو الحساب فيدخل غير المسلمين الجنة و ندخل نحن النار و يقول غير المسلمين ربنا اغفر لنا لم نكن السبب هؤلاء هم السبب نفرونا من الإسلام بإخلاقهم و لم يحاولوا أن يخبرونا عن الإسلام.............